هل مصر والسعودية في الاتجاه المعاكس؟!
نادية كيلاني: المشهد 16-12-2011
| 11:01
مع تصاعد عدد مقاعد الإسلاميين في البرلمان؛
بدأت المخاوف عند أصحاب الفكر الليبرالي و العلماني، و من يؤمن بفصل الدين عن
الدولة، حتى إن البعض هدد بالهجرة من البلد، كما أن هناك خوفًا على وضع المرأة
المصرية، و ما حققته مما يعتبر مكاسب من منظمات حقوق المرأة، يرون تراجعه يلوح في
الأفق، و اشتد سعير المعركة، السلفيون يلقون بالتصريحات التي تثير الجدل، ثم
يعودون لتوضيح الغرض، و هيهات أن يهدأوا:
- أعلنتم أنكم ستعملون على إبقاء المرأة في
بيتها و ترك العمل للرجال.
- الأمر ليس كذلك؛ فالمرأة دورها تنمية
الثروة البشرية و تربيتها، و تخرج للعمل عند حاجتها أو حاجة العمل لتخصصها، و يجوز
خروجها في غير ذلك بشروط.
- أعلنتم كفركم بالديمقراطية.
- نحدد تعريف المصطلح؛ فالديمقراطية التي
تقنن زواج الشواذ و الدعارة و غيرها من الموبقات نكفر بها، أما الديمقراطية وفقًا
للمادة الثانية من الدستور، التي تراعي أحكام الإسلام فنلتزم بها.
- أعلنتم رفض أدب نجيب محفوظ جملة و تفصيلاً.
- و لو صح فماذا في ذلك، أليس هناك حرية
رأي؟! أم حرية الرأي في سب الإسلام و التهكم على الشريعة فقط؟! و للعلم كان العقاد
يتهكم على أشعار شوقي و هو شاب صغير، و ذاك أمير الشعراء.
و
امتلأ الفضاء بأسئلة الليبراليين: ماذا يمكن أن يحدث من تغيير في مصر الغد؟ و بدأ
التساؤل: أي نوع من الإسلام ستكون عليه مصر؟ هل إسلام بن لادن؟ أم إسلام أفغانستان
و طالبان؟ أم إسلام تركيا؟ أم السعودية؟ و ماذا يكون حال السياحة و الفن و ما
يتبعهما؟
و من ثم امتلأ بأجوبة الإسلاميين: الإسلام
واحد، و لكن تطبيق أحكامه الفقهية و الفتاوى يختلف باختلاف الزمان و المكان، و
الإمام الشافعي غيّر فتاواه عندما انتقل من بغداد لمصر.
- و تكهن الليبراليون بقدوم هيئة الأمر
بالمعروف و النهي عن المنكر، و انحصر الخطاب على الفكر الوهابي الذي يهدم التماثيل
و يمنع الصلاة في مسجد به ضريح، و ما يعرف بأولياء الله الصالحين، و الخوف من ظهور
صراع طائفي، و طالب أقباط المهجر بالحماية و الدعم الأجنبي؛ لأن السلفيين سيفرضون
عليهم الجزية، و يطبّقون الحدود و يفرضون الحجاب و يقطعون الآذان.
و في ذات الوقت الذي وقفت فيه على حقيقة
التخوف من أن تنحو الجماعات الإسلامية نحو التطبيق السعودي للإسلام، قرأت عدة
عناوين للصحف السعودية تعكس الواقع الجديد بها مثل:
-معًا باتجاه تمكين المرأة.
- مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية
الماضية، و احتفظن ببرامجهن الانتخابية.
-النساء يتأهبن لدخول الشورى و المجالس
البلدية.
- وزارة العمل تبذل كل الجهود لتهيئة المناخ
المناسب لإسهام المرأة في سوق العمل، و القيام بدورها التنموي، خاصة مع الارتفاع
الملحوظ في نسبة الحاصلات على الشهادات الجامعية و العليا.
-أول سباق جري نسائي.
-زيادة حجم مشاركة المرأة في العمل بما
يتناسب و الضوابط الشرعية.
-32 ألف فتاة يتدربن في معاهد تقنية عليا
لتوظيفهن في الشركات.
فهناك دعوة لتمكين المرأة، ليس فقط بحقها في
التعلم و العمل؛ بل أيضًا في المسابقات و الأنشطة الرياضية.
و هناك الاعتراض على ضرورة وجود محرم لكل
مبتعثة، كما أن قاضيًا أفتى بعدم ضرورة وجود المحرم في المحكمة، و هناك حرب تشنها
النساء لكي تمارس حق قيادة سيارتها.
و هناك 166 قضية حقوقية مرفوعة في (مكة)،
منها 46 قضية عنف ضد المرأة.
و هناك نسبة هروب للفتيات السعوديات تصل
لـ16%؛ اعتراضًا على واقعهن.
كما أن هناك نسبة طلاق عالية بسبب عدم تأقلم
الرجال مع تغيّـر المجتمعات النسائية؛ مما يجعل المرأة - و لو بعد عدد من السنين - تفضل حريتها و عملها على حياتها
الزوجية.
و الأغرب في رأيي أن يقوم محامي برفع قضية ضد
وزارة العمل؛ اعتراضًا على قرار بتأنيث محال بيع الملابس النسائية الداخلية.
فهل نعتبر مصر والسعودية في الاتجاه
المعاكس؟!
لا شك أن هناك واقعًا يتغير هنا و هناك، و
نوقن أن الإسلام يصلح لكل زمان و مكان، و أنه مفتوح على عدة حضارات، و يتفاعل مع
أرضه و واقعه شدة و اعتدالاً، و لا داعٍ للخوف من تطبيق الشريعة التطبيق المعتدل،
فلم تكن أبدًا صادمة في عصرها الذهبي، و هو العصر الذي نتمنى الرجوع إليه، و ما
مالت عن صحيحها إلا بأهواء البعض و مغالاة البعض، و ما يخشى منها إلا من مالت نفسه
إلى الفوضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق