بيوت العفاف أم الزواج الإجباري؟: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


بيوت العفاف أم الزواج الإجباري؟

نادية كيلاني: المشهد 6-12-2011 | 17:46
صحيح أن كثيرًا من الشيعة يرفضون زواج المتعة، ولكن الأغلبية تؤيده، وهذه المرة ابتكرت فيه وجددت حين قررت حكومة إيران نشر بيوت الجنس (زواج المتعة) لحل مشكلة الاغتصاب.

وزواج المتعة هنا ليوم واحد؛ بحجة القضاء على مشكلة الاغتصاب والكبت الجنسي التي يعاني منها الشباب الإيراني.

ولن أقول: إن هذا الكبت في دولة تبيح ممارسة الجنس مع أي فتاة، تحت ذرائع دينية!

ولكن بهذه الذريعة، سيكون بإمكان أي إيراني ارتياد هذه البيوت؛ لممارسة الجنس مع فتاة تقدِّم هذه الخدمة؛ بحجة أن الدين يبيح هذه الممارسات، والتي يطلق عليها صفة الزواج لدى الشيعة، وأطلقوا على هذه البيوت مراكز أو بيوت العفاف!! إمعانًا في الطهارة، بهدف تقليص الاغتصابات والعلاقات الجنسية غير المشروعة!

كما سمحت الحكومة للعديد من المكاتب ومواقع الإنترنت بنشاط يدخل في مجال تأمين البنات للرجال الراغبين في الزواج المؤقت، ويبلغ سعر الليلة الواحدة ما بين 50 و100 دولار، ويكون نصف الربح للمراكز الدينية الشيعية.

خطر في بالي سؤال واحد لم يستوفها هذا القرار المحكم، وسؤالي هو: بعد إنهاء هذا الزواج المؤقت، هل ستلتزم المرأة بالبقاء ثلاثة أشهر دون زواج متعة من غيره حتى تنتهي عدتها؟ وهل إذا تزوج الرجل في كل يوم واحدة سيمتنع في اليوم الخامس عن زواج المتعة، ويبقى لذات المدة حتى تتم عدته هو الآخر؟! ليتهم يعالجون هذه النقطة قبل أن يكلِّفوا مواقع النت بالبحث عن مشاركين.

هذا الخبر من إيران يقابله خبر من مصر؛ حيث طالبت المخرجة إيناس الدغيدى في برنامج (ضد التيار) على قناة روتانا بإعطاء تراخيص لبيوت الدعارة فى مصر، وتقول: "أنا لا أدعو لقلة الأدب؛ بل أقصد حماية المجتمع، فمهنة الدعارة موجودة في كل مكان في العالم، وفي مصر قبل الثورة كانت مهنة معترفًا بها ولها أحياء معروفة تمامًا، لكن اليوم أصبح الأمر يتم في الخفاء، في الوقت الذي قد تكون فيه هؤلاء الفتيات حاملات لأمراض خطيرة، من الممكن أن تنتقل بسهولة للطرف الآخر".

وهل لأنه كان قبل الثورة يصبح هذا دليل صلاحية، قد كان؛ وكان في برنامج المرشحين للحكومة القضاء على الدعارة، وقامت الثورة لتنقلب على الأوضاع السيئة وتلغيها، فلماذا العودة للوراء؟! أم تريدينها في برنامج المرشحين اليوم الترخيص للدعارة الآمنة؟!

فليحدث في الخفاء، وتظل الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها! أم تريدين من مجتمع بكامله أن يكون ما بين ممارس ومؤيد وشيطان أخرس؟

وتقول: أنا لا أتكلم باسم الدين لأني لست متبحرة فيه، ولكني أتكلم باسم المنطق والعقل والواقع الذي يشير إلى ضرورة حماية المجتمع.

أنك غير متبحرة في الدين، ألا تتركين الرأي الديني للمتبحرين في الدين، وتتبنين رأيًا آخر غير مقيد من خالق البشر والذي يدرك طرق صلاحهم!

وهى لا تدعو لـ"قلة الأدب" بدليل رفضها إقامة شواطئ للعراة في العالم العربي، والسبب لأن مجتمعاتنا لا تزال مريضة بعقدة الجنس؛ يعني رفضها شواطئ العراة فقط لجهل العالم العربي المريض المعقد بعقدة الجنس..

ألا يهزك لفظ دعارة؟! أم هى البجاحة والتطاول على الثوابت والأخلاق؟!

وما بين الماضي والحاضر يحضرني زواج بالقانون.. قانون أناضولي عمره 100عام، وهذا القانون جاء كحل لمشكلة العنوسة المتفشية في معظم البلدان العربية، حيث أصدرت الدولة العثمانية في الأناضول في عهد مصطفى كمال أتاتورك حاكم تركيا بعد سقوط الحكم العثماني ومؤسس تركيا الحديثة.. قانوناً خاصًّا بالزواج، وأبرز بنوده تتلخص في الإجبار على الزواج بعد 25 عاماً كالتالي:

تبدأ مدة الزواج الاختياري من سن 18 وتنتهي في سن 25، ومن لم يتزوج في سن الخامسة والعشرين يجبر على الزواج.

إذا امتنع الشخص عن الزواج بعد السن بدعوى أنه مريض يكشف عليه طبيبٌ، فإن  كان  مرضه قابلاً للشفاء، يؤجل إجباره على الزواج  إلي أن يبرأ، وإن كان المرض غير قابل للشفاء يمنع من الزواج.

إذا اضطر الرجل إلى السفر لبلد آخر، والإقامة فيه بضع سنين أو وظيفة أو لأي أمر شرعي، ولم يكن في استطاعته اصطحاب زوجته معه، وجب عليه إبلاغ الحكومة المحلية مع بيان العذر المانع من أخذ زوجته معه، ثم إن كان قادرًا على الزواج مرة ثانية في البلد الآخر يجبر عليه، فإذا انتهت مدة إقامته بالبلد يجب عليه أن يجمع زوجتيه في مكان واحد.

أما إذا امتنع الشخص عن الزواج بعد الـ25 بلا عذر شرعي يؤخذ منه بالقوة ربع دخله سواء، ويوضع في البنك الزراعي ليصرف منه علي من يريد الزواج من الفقراء إكرامًا لهم، وكل من لم يتزوج بعد الـ25 لا يقبل بوظيفة مطلقًا في مصالح الحكومة، ولا ينتخب في هيئة من الهيئات، ولا يعهد إليه بمنصب أو أمر من الأمور، وإذا كان موظفًا يتم إعفاؤه.

كل من تجاوز الـ50 ويكون متزوجًا بامرأة واحدة وفي استطاعته ماديًّا وصحيًّا أن يتزوج بأخرى، يتم تكليفه بذلك ليكون شريكًا في سد حاجة من الحاجات الاجتماعية، فإذا اعتذر بأسباب غير معقولة يكلف بمساعدة أولاد الفقراء والأيتام في معيشتهم وتربيتهم من واحد إلى ثلاثة حسب استطاعته المالية.

كل من يتزوج قبل سن 25  قبل أن يبلغ سن التجنيد العسكري تكون مدة خدمته فى الجيش سنتين فقط، وإلا فتكون مدة خدمته فى الجيش ثلاث سنوات.

ومن يتزوج في سن الـ18 : 25 وكان فقيرًا، يقطع له من أرض الحكومة من 150 إلي 300 دونم مجانًا "بما يعادل 920 مترًا تقريباً" من أقرب مكان له، وينفذ منذ الزواج أو يعطى له قرض قيمته من 50 :  100جنيه عثمانلي يؤديه مقسطاً علي 3 سنوات بلا مقابل.

كل شخص تزوج قبل الـ25 ورزق بثلاثة أطفال يتم تعليمهم مجانًا في مدارس الحكومة الليلية، وإذا كانوا أكثر يتم تعليم ثلاثة مجانًا ويصرف لكل واحد من الباقين عشرة جنيهات من الأموال العمومية إلي أن يصبح عمره 13 عاماً، وإذا كانت امرأة لديها 4 ذكور فصاعدًا تمنح إعانة قدرها 20 جنيها".

هذا القانون لأنه كان سابقاً لعصره، قد أسس لقواعد النهضة الحالية التي تعيشها تركيا، فبعيداً عن فكرة الإجبار على الزواج يحتوي على حلول اجتماعية لكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، على رأسها العنوسة والبطالة، بالإضافة إلى التكافل الاجتماعي.. فهل من الممكن أن تستعين إيران بمثل هذا القانون بدلاً من الافتكاسات باسم الدين، وتسجله الست إيناس في فيلم يوثق للفضيلة بدلاً من الدعارة؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق