سماؤهم ملتهبة: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


سماؤهم ملتهبة

نادية كيلاني
كنتُ أُتابِع (الفيس بوك)، و(أدردش) مع الأصدقاء في سعادةٍ، ظهرتْ فجأةً صديقتي الغزية؛ ولأنِّي أعرِف أنها تنام مُبكِّرًا والوقت متأخِّر الآن:
سألتُ: لماذا أنتِ سهرانة؟
قالت: صحوتُ على القَصْف.

أيُّ قصْف؟
قالت: الطائرات الإسرائيليَّة تقصِف الآن بغزارة.
الجوُّ مخيفٌ جدًّا،
وقالت: أولاد أخِي الآن يبكون.

اندهشت: أما زالوا يُفْزَعون مِن النوم؟! وما زال الصِّغارُ يَبْكون؟!
ألَم يتعوَّدوا رغمَ القصْف المستمر، دون مراعاةٍ لوقت الراحة، سماؤهم ملتهبة ليلَ نهارَ!
فليس هناك وقتٌ للقصْف.

وخطر ببالي شيء غريب.
قلت لنفسي: ليتَه ما اخْتُرِعت الكهرباء، ولا الوقود.

كانتِ الحروب قبلَ الكهرباء والوقود لها وقتٌ يشتبك فيه الفريقان؛ يصولون ويجولون في النَّهار، وعندَ دخول المغرِب يعود كلٌّ إلى مكانه، فيكون هناك وقتٌ لمداواةِ الجروح، ودفْن الموتى، والأهمُّ مِن ذلك النوم.

النوم الذي حُرِم منه أهلُ غَزَّة عشراتِ السنين، وإذا ناموا يَصحُون مفزوعين على أصواتِ الرُّعْب والقَصْف!

تابعتُ الأخبارَ التي جاءتْ في المواقِع الفلسطينيَّة، فالمواقع الأخرى، والقنوات الفضائيَّة يتميَّزون بالتروِّي، والتأنِّي، والصبر الجميل.

فقرأت: استهدفتْ طائراتُ الاحتلال فجْرَ اليوم الخميس، موقعًا لـ"كتائب القسَّام" في منطقة المقوسي شمالَ غرْب مدينة غزَّة.

كما أنَّ عملية القصْف استهدفتِ المناطق الغربيَّة والشماليَّة لمدينة غزَّة، وأنَّ طائراتِ الاحتلال الصِّهْيوني قصفتْ بصاروخ واحدٍ على الأقلِّ موقع "بيسان" التابع لكتائبِ القسَّام الجَناح العسكري لحرَكة حماس، حيث أوْقَع القصْف ستَّ إصاباتٍ طفيفة، إضافةً للأضرار المادية.

فيما ترَك القصفُ حالةً من الخوف والهَلَع الشديد في صفوفِ المواطنين، حيث شُوهِدتْ أعمدةُ الدُّخَان تتصاعَد في المكان بعدَ عملية القصْف، التي وصفَها السكَّان بالعنيفة جدًّا، فيما هُرِعتْ سيَّارات الإسعاف إلى المكان المستهدَف.

فابْكُوا يا صغارَ غزَّة، ابكُوا أيُّها الأطفالُ الأبرياء، ذَنبُكم أنَّكم جِئتم في زمنِ الخزي ونُدرة الرِّجال، ابْكُوا فلن تُسمعَ أصواتكم من خلال القصْف المروع من جانب، وموسيقا الأصوات الهابِطة من جانبٍ آخَرَ.

أو ضَعُوا قُطنًا في الآذان، وموتوا بسلام ومباركة ودعوات الكِرام.
.................
الألوكة تاريخ الإضافة: 12/10/2010 ميلادي - 4/11/1431 هجري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق