قصة التشيع من الدولة الفاطمية وحتى ثورة يناير: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


قصة التشيع من الدولة الفاطمية وحتى ثورة يناير
نادية كيلانى
دخل التشيع إلى مصر عن طريق الدولة الفاطمية العبيدية، وهم من الشيعة الإسماعيلية، وحكموا مصر من سنة 358هـ (969م) إلى
سنة 567هـ (1171م)، وينتسب العبيديون إلى عبد الله بن ميمون القداح بن ديصان البوني من الأهواز، وهو مجوسي، وهو من أشهر الدعاة السريين الباطنيين، ومن دعوته هذه صيغت دعوة القرامطة.
فلما جاء الفاطميون إلى مصر، عملوا على نشر المذهب الشيعي على الطريقة الإسماعيلية كما قلنا، وهي الفرقة التي ينتمي إليها الفاطميون.
و كان أهل مصر في ذلك الوقت من المسلمين على المذهب السني، وأكثرهم على الطريقة الشافعية والمالكية. ولكنهم في ذلك الوقت كانوا معروفين بحب آل البيت، وربما ذلك يرجع إلى قدوم عدد من آل البيت إلى مصر فرارًا من الخلافة الأموية والعباسية التي بطشت بهم، ومن هؤلاء السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، والسيدة سكينة ابنة الإمام الحسين.
كما أن المصريين كانوا قد ضجوا من حكم الإخشيديين، وحكم الولاة العباسيين من قبلهم، وكانوا يتطلعون للتغيير. وهذا ما يفسر أن المصريين لم يظهروا أدنى مقاومة عند دخول جوهر الصقلي بجيشه إلى مصر سنة 358 هج - 969 م.
عمل الفاطميون على نشر المذهب الشيعي في مصر بالطرق السلمية، ودون إجبار لأحد. ولكنهم استخدموا وسائل ذكية ومبتكرة لترغيب أهل مصر في المذهب الجديد. فإلى جانب تعيين معتنقي المذهب في مناصب الدولة، لجأ الفاطميون إلى استحداث احتفالات دينية لم تكن موجودة من قبل، وربطها بمظاهر فرح وطقوس يغلب عليها البهجة والاستمتاع، وذلك لتحبيب الناس في المذهب الجديد.
من تلك الاحتفالات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وليلة النصف من شعبان، وعاشوراء، واحتفالات شهر رمضان، وابتداع أكلات وأغاني مخصوصة لهذه الأعياد؛ منها أكلات الكنافة والقطائف في شهر رمضان، وطبق العاشوراء في مولد عاشوراء، وأغنية "وحوي يا وحوي" التي يغنيها الأطفال وهم يخرجون بالفوانيس في ليالي رمضان.
وفي مجال نشر دراسة المذهب الشيعي، أنشأ الفاطميون الجامع الأزهر سنة 972 م - 361 هـ. وفي عهد الخليفة الثاني العزيز بالله؛ عين فيه 35 فقيهًا منقطعين للدراسة وتعليم الناس مبادئ التشريع الشيعي. حتى أن بعض المصادر التاريخية ذكرت أن المصريين أقبلوا على حلقات الدرس هذه إقبالاً شديدًا؛ بحيث أدى هذا إلى مقتل 11 رجلاً من شدة التزاحم.
وفي عهد الخليفة الثالث، الحاكم بأمر الله، وهو من أبرز حكام الدولة العبيدية، وقد ادّعى الألوهية، "كانت من أهم معتقداتهم التناسخ والحلول، ويزعمون أن روح القدس انتقلت من آدم إلى علي بن أبي طالب، ثم انتقلت روح علي إلى الحاكم بأمر الله"، هذا الحاكم ابتدع وظيفة جديدة تسمى داعي الدعاة، تأتي في مرتبة ثانية بعد قاضي القاضي. وكانت وظيفة داعي الدعاة هو رئاسة مجلس يتألف من 12 نقيبًا؛ وظيفتهم تولي شؤون دعوة الناس للمذهب الشيعي في القاهرة والأقاليم.
كما أنشأ الخليفة الحاكم دار الحكمة 1005 م - 395 هـ، وتعنى بدراسة المذهب الشيعي دراسة متعمقة وتفصيلية على الطريقة الإسماعيلية، وهي طريقة باطنية. بمعنى أنها كانت تقوم على شروح وتفسيرات للقرآن والسنة؛ ليس بناءً على ظاهر النص، وإنما تأويل النص، أي استنباط معانٍ غير ظاهرة في النص وتفسيرها تفسيرات فلسفية وجدلية تتفق مع قواعد المذهب الشيعي.
ولم يأتِ عهد الخليفة الخامس المستنصر إلا وأصبح المذهب الشيعي هو المذهب السائد في مصر، وتوارى المذهب السني في مناطق قليلة من مصر.
وظل الأمر كذلك حتى آخر حكامهم في مصر، العاضد، حتى جاء صلاح الدين الأيوبي إلى مصر وأسقط الخلافة الفاطمية عام 1171م، وتم القضاء على دولتهم، وقام بتحويل مصر إلى المذهب السني مرة أخرى بعد أن أمضت قرنين من الزمان على المذهب الشيعي، وبالرغم مما مارسه هؤلاء العبيديون من البطش والدعوة السرية لنشر مذهبهم الشيعي الإسماعيلي، إلا أنه ظل مذهبًا غريبًا دخيلاً، وظلت مصر سنيّة.
مخططات لنشر التشيع في مصر:
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مخططات لنشر التشيع في مصر بشكل واسع؛ وذلك إثر الغزو الأمريكي للعراق، وهجرة عدد كبير من العراقيين إلى القاهرة، وتركز غالبيتهم في مدينة 6 أكتوبر حتى قيل: إنها أصبحت "مستعمرة للشيعة العراقيين"، وإنهم بصدد بناء حسينيات فيها، وتواردت أنباء حول أنشطة "تبشيرية" لهم وسط المواطنين المصريين السنة.
وأكد ذلك محاولات إيران لتحسين العلاقات مع مصر؛ عن طريق تصريحات لبعض مسؤوليها وإقامة عدد من المشروعات الصناعية، ثم جاءت التحذيرات التي أطلقها عدد من المسؤولين السياسيين والدينيين في مصر؛ بشأن محاولات اختراق البلاد عن طريق نشر التشيع؛ لتثير المزيد من الهواجس حول الموضوع.
ولا ننسى ما يحدث في البحرين والمظاهرات الشيعية التي نظمت في تلك المملكة تحت دعاوى الحرية والإصلاح.
إنه مخطط شيعي مدبر للاستيلاء على دولة البحرين؛ كي ينفرط عقد الخليج دولة بعد الأخرى
لكي يكون مجلس التعاون الخليجي بأيدي إيران.
ثم يصلون إلى غيرها من السعودية، ويقضون على مكة والمدينة ويحولون القبلة إلى كربلاء!!
بل هم الآن يدبرون لعمل مظاهرات في السعودية.
وعن مصرنا الحبيبة والمخطط الشيعي الذي لم يبدأ من اليوم:
يشجعهم وجود بعض المقامات والأضرحة المنسوبة لآل البيت في مصر كالحسين والسيدة زينب، ونفيسة، ورقية، وقد استغل الشيعة حبّ المصريين لآل بيت النبي (ص) وأظهروا أنفسهم بمظهر المدافع عن آل البيت، كما استغلوا انتشار الطرق الصوفية وقاموا باختراقها لنشر أفكارهم؛ نظرًا لتقارب المعتقدات والأفكار بينهم.
إنشاء ما سمي بدار التقريب بين المذاهب الإسلامية سنة 1947م، أسهم في تأسيسها عدد من شيوخ الأزهر، مثل محمود شلتوت، وعبد المجيد سليم، ومصطفى عبد الرازق، وعدد من علماء الشيعة، مثل محمد تقي القمي، وعبد الحسين شرف الدين، ومحمد حسن بروجردي، وقد تحولت هذه الدار إلى مركز لنشر الفكر الشيعي.
كذلك وجود الطلاب الشيعة العرب في مصر، حيث كانوا يعملون على نشر فكرهم في صفوف المصريين، وقد أشار الكاتب المصري الشيعي "صالح الورداني" إلى ذلك بقوله:
 "بعد خروجي من المعتقل في منتصف الثمانينيات؛ احتككت بكمّ من الشباب العراقي المقيم في مصر، من المعارضة وغيرها، وكذلك الشباب البحريني الذين كانوا يدرسون في مصر، فبدأت التعرف على فكر الشيعة وأطروحة التشيع من خلال مراجع وكتب وفّروها لي، ومن خلال الإجابة على كثير من تساؤلاتي، وقد دارت بيننا نقاشات كثيرة".
علاقات النسب التي كانت تربط الأسرتين المالكتين في إيران ومصر قبل الثورة، فشاه إيران محمد رضا بهلوي كان متزوجًا من الأميرة فوزية، شقيقة الملك فاروق.
كما أن الرئيس أنور السادات كانت علاقته وطيدة بشاه إيران؛ الأمر الذي أدى إلى إنشاء بعض الجمعيات والهيئات الشيعية، مثل جمعية آل البيت سنة 1973م، إضافةً إلى السماح لطوائف أخرى بالعمل بها.
 يتم من خلال معرض القاهرة للكتاب نشر الكثير من الكتب الشيعية، التي تحضرها دور النشر اللبنانية، ومن أهم الكتب التي كان يتم تداولها: المراجعات لعبد الحسين شرف الدين، وأهل الشيعة وأصولها لمحمد حسين كاشف الغطاء، والبيان في تفسير القرآن للخوئي، والميزان في تفسير القرآن للطبطبائي.
صدور عدد من الصحف باللغة الفارسية في القاهرة والإسكندرية في أواخر القرن التاسع عشر، بلغ عددها خمس صحف؛ هي: حكمت، ثريا، برورش، جهره نما، وكمال.
بعد القطيعة مع العراق قدمت إيران نفسها للدول العربية ولمصر على أنها الدولة الصديقة، وازدادت المساعي بعد الغزو الأمريكي للعراق.
ويجب أن نعرف ماذا فعل الشيعة في عصرنا الحديث بأهل السنة؛ حتى لا ينخدع فيهم أحد...
أولاً: قتل الملايين من الشعب الإيراني السني في إيران، ومنع إقامة مسجد واحد سني في إيران، في الوقت الذي سمحت بإقامة أديرة للنصارى ومعابد لليهود بكثرة.
ثانيًا: شن حملات الاعتقال واغتصاب البيوت والنساء من أهل السنة في إيران، ومنع أي صوت للسنة أن يظهر.
ثالثًا: قتل الملايين في العراق من أهل السنة، واغتصاب بيوتهم ونسائهم؛ حتى إنهم الآن يجلسون في بيوت من صفيح، طبقًا للتقارير الرسمية، بعد أن كانوا أصحاب قصور.
رابعًا: طرد فلسطيني العراق، وقتلهم وتشريدهم وأخذ أموالهم، في ظل حكومة الشيعي في العراق.
خامسًا: الاتفاق مع اليهود والنصارى على دحر أهل السنة هناك وتشريدهم وغير هذا كثير.
الهيئات الشيعية التي تم تأسيسها في مصر:
المجلس الأعلى لرعاية آل البيت، يرأسه محمد الدريني، ويصدر صحيفة (صوت آل البيت)، ويطالب بتحويل الأزهر إلى جامعة شيعية.
المجلس العالمي لرعاية آل البيت.
جمعية آل البيت سنة 1973، وكانت تعد مركز الشيعة في مصر، وكان للجمعية مقر في شارع الجلاء في القاهرة، وتمول من إيران، ومن شيعة مصر من أموال الخمس، وكانت تتبع الجمعية فروع في أنحاء كثيرة من قرى مصر تسمى حسينيات، وهدفها نشر الفكر الشيعي. وقد أغلقها السادات بعد ثورة الخميني في طهران.
الاحتفال بمسجد الحسين:
يذكر أن إدارة مسجد الحسين بالقاهرة قامت بإغلاق "الضريح" بعد صلاة المغرب يوم الاثنين، الموافق ليلة "عاشوراء"، ومنعت نحو 1000 شيعي تجمعوا من مختلف المحافظات لأول مرة بمصر، لإحياء ما يعرف بذكرى استشهاد الإمام الحسين في كربلاء.
وهو ما كانت تجهز له الشيعة خلال الأيام العشر الأولى من شهر المحرم؛ حيث أقامت مجالس العزاء بعدد من محافظات الجمهورية في استشهاد الحسين، رضي الله عنه. شارك فيه عدد من الأشراف والصوفية.
كان من المفترض أن يكون مجلس العزاء الأكبر بمسجد الإمام الحسين في اليوم العاشر من محرم، والهدف أن شيعة مصر يتطلعون إلى تغيير النظرة السلبية التي صنعتها أجهزة إعلام النظام السابق للشيعة خدمة لبعض دول.
ويؤكد مراقبون أن الشيعة في مصر، رغم قلة أعدادهم، استغلوا أجواء الحرية التي تتمتع بها البلاد بعد ثورة 25 يناير، في إظهار تلك الطقوس الشيعية التي لم يكن لها أي وجود في مصر، المعروفة بأنها إحدى معاقل المسلمين السنة في العالم، ولا يعرف للشيعة فيها أي وزن منذ أزمنة بعيدة.
كما دأبت إيران، راعية التشيع في العالم، على استقطاب عدد من مشايخ الطرق الصوفية، بهدف اتخاذ تلك الطرق معبرًا لاختراق المجتمع المصري ونشر التشيع بين الكثيرين من أبنائه الطيبين؛ عبر إغراءات مالية وغيرها، وكذلك حذر الدكتور يوسف القرضاوي من اتخاذ الطرق الصوفية قنطرة لنشر التشيع في مصر.
.................
الفيس بوك في ‏‏4 فبراير، 2012‏، الساعة ‏12:31 مساءً‏ ·‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق