علي بابا والأربعين ألف حرامي


علي بابا والأربعين ألف حرامي
كان ياما كان في سالف العصر والأوان "حكاية" تراثية منتشرة في كل البلاد الناطقة بالضاد، وغير الضاد، عربية وإفرنجية:
أن هناك شخصًا يُدعى "علي بابا".. في الحكاية طيب وكريم، وله أخ يُدعى "قاسم"، شرِّير ولئيم.. هذا الكريم "علي بابا" وقع على مغارة لعصابة فيها من الذهب والمَرْجان ما يحيِّر عقل الإنسان؛ لكن "علي بابا" القنوع غرف منه وحمل ما يستطيع كتفُه أن يحمل، واكتفى، وحمد ربَّه وشكر، وقال:
هذا يكفيني من القدر، وبنى له بيتًا محترمًا، ورضي بقليل من الخدم، وعاش في سعادة وزيادة، يشكر الله، ويكثر من العباده.
لكنَّ قاسمًا الشرِّير اتَّفق مع رئيس العصابة صاحبة المغارة ضد أخيه؛ حسدًا وغَيْرةً ومرارة، وعملوا حيلة: أن يضعوا كل "حرامي" في قدر كبير مع سيفه المسنون، ويدَّعون أنها قدور عسل وزيت مضمون.. وكان عدد القدور أربعين، ونزل رئيسهم وقاسم في ضيافة "علي بابا" ملثَّمين، والقدور كانت في فناء البيت، والإشارة هي "الصفَّارة".
أراد الله أن يردَّ على الخائنين الكيد، وتكتشف الجارية الحيلة،فاستعملت العقل واليد، بأن وضعت على فم كل قِدْرة الحجر، وكفت عن سيدها الخبر، وخلّصت "علي بابا" من شر مستطر.
*****
أما ما كان في حاضر العصر والأوان: أنه تم استنساخ من قاسم الشرير، بدل الواحد حوالي اثنين وعشرين، وبدل الأربعين "حرامي" مئات وألوف وملايين، وحيلتهم هذه المرة امتلاك الدول والشعوب، مهما تجمَّع عليهم من الذنوب.
وأتحفونا بأسماء تملأ العين؛ كلها مباركة وصالحة وزين وبشارة ومعمَّرة، والحقيقة الحقيقة لا أكثر كلهم قاسم مشترك مع قاسم الشرير وأكثر.
كل قاسم رأس دولة ينهب منها ولا يشبع، ويكدس خارجها ولا يقنع، وعيَّن أذنابه الملاعين في كل زاوية وحائط مكين، فتحكّموا في العباد، ونشروا الفساد، وزاد الكساد، وخربت الذمم، وجحد الفؤاد، فساءت البلاد ، وتطاولوا في البنيان، وقلَّدوا "فرعون ذي الأوتاد"، وقد طال بهم العهد، فنسوا ما ينالهم من الوعد، وظنوا أنهم في مأمن من الظنون، وأنهم كإبليس مُنْظَرون.
فأكثروا من البطش و"التلطيش" في العباد النقية، وقيَّدوا المعاكس، وشتَّتوا المشاكس، وأخرسوا المظلوم عن حقِّه المعدوم، وزاد بطشهم وتدميرهم، وامتلأت سجونهم بالمعتقلين بلا قضية.
ولما فسدت الأرض، وظنوا أنهم قادرون عليها، أتاها أمر الله بثورة فتيَّة، ثم ثورات وثورات، تطيح بالرؤوس والأجناد، وهم يقاومون في عناد وجسارة، مذهولين من تلك العبارة، فسلَّطوا المياه القوية على المصلِّين، والغازات المُسيلة على
 الرافضين، وضربوا بالقنابل والرصاص الحي في أعين الصامدين، وصالوا فيها وجالوا، (وجابوا الصخر بالواد)، ومالوا.
يا مغيثُ، يا الله يا مُعين.
وبعد أخذ ورد، وطول صبر وصدّ، فرَّ من فر منهم لا منَّا، وزاغ من زاغ منهم لا منا،فطاردتهم الجموع الأبيَّة في عقر دورهم العفيَّة، فأجلَوهم عنها، حتى سقط كبيرهم، ولحقه ربيبُه خائفًا مذعورا،وكان بالإخافة والنفور مأمورا، فسقط مُلْكهم الواحد بعد الواحد، ورأينا فيهم عجائب قدرة الواحد، وما كانوا يظنون أنهم إلى معاد، وتناسوا (إرم ذات العماد)، (وفرعون ذي الأوتاد)، والأصفاد، وامتلأت بهم سجون البلاد.
والغريب الغريب أنهم لا يتَّعظون، ومن السابقين لا يعتبرون، وليس لهم رأى ولا مشورة، في مشهد أو نصح أو صورة، (كأنهم خشب مسندة)، يركبون قطار المماطلة، يمرُّون به كل محطات المناورة، وينزلون في ذات المحطة المقدَّرة، يصرخون بالكذب و"المنظرة".
فيتمسك الواحد منهم بالكرسي لكي يحميه، ويستعين بالأذناب من شر ما فيه، وظن المسكين الذي بالله لا يستعين، أنه الغالب المكين بفضل من حوله من عبيد وسلاح عتيد، فإذا بهم أفراخ مذعورة، من هبة سائر المعمورة، وتركوا ما جمعوا من قصور، "كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ"، وهم يتطايرون كالذباب في الهواء، والكرسي انخلعت يده والساق من خلاف، وما عاد يصلح للإيواء..
إلى هنا سكت الكلام يا سادة ياكرام. 
...........................................

ـ نُشر فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/11/12/276596.html

حكومة لا تؤمن بالتخصص


حكومة لا تؤمن بالتخصص

كلما تأملت حال حكومتي الغابرة ورموزها الماثلين أمام القضاء رغم ملياراتهم الكثيرة، زادت دهشتي، تلك الحكومة ما كانت تؤمن بالتخصص؛ فكما يقول أولاد البلد: (بتاع كله).
في قانون الجرائم تخصص؛ فهذا حرامي محافظ، وهذا حرامي خزن، وذلك خطف، ورابع كسر، وخامس هجام.. و... و...
والغريب أن كلاًّ منهم لا يمكنه التفوق في تخصص غيره، تخصُّصه وكفى، والثابت أن كل واحد منهم له منطقة نفوذ لا يتخطاها، وإلا تعرض للمطاردة من أصحاب المناطق الأخرى.
ولو طلبت من نشّال أن يقوم بكسر خزانة مثلاً، يعتذر لك قائلاً: ليست من اختصاصي.
وباقي الجرائم تسير على ذات المنوال؛ فهناك من تؤجّره ليقوم بدلاً منك بقتل الشخص الذي تريد إزاحته من دنياك واسمه (قتال قتلا)، ويؤدي المتخصص في القتل المطلوب، لا أزيد ولا أقل،بمعنى أنه لا يقوم بتقليب القتيل وأخذ ما بجيبه، هو سيأخذ أجره من صاحب الشأن وكفى..
ويكون الحزن والأسف لو أخطأ عياره المطلوب ونال شخصا آخر غير المقصودإذ يعتبره بريئا، والحزن هنا يقتضيه شرف المهنة.
وهناك من له حيلة مع الناس يجمع فلوسهم بالحسنى، ويمنّيهم بمشاريع وهمية حلالاً طيبًا، ثم يهرب بأموالهم تاركًا لهم الهمَّ والحزن، ولوم أنفسهم في عدم أخذ الحيطة والحذر والضمانات!
وهناك من يخالف في رخصة بناء فيبني دورًا أو دورين زائدين يحقق من ورائهما ربحًا محدودًا، ولو اضطر لدفع غرامة المخالفة وكفى الله المؤمنين القتال.
لا مانع أن يدفع بعض المرشحين لبعض الناس أموالاً وأمنيات يريدون تحقيقها؛ لكي يحصل على أصواتهم في أي انتخابات خاصة أو عامة، وتدخل أيضا في باب الفساد، ولكنه فساد محدود؛ لكنه مفيد لهذه الفئة.
هل هناك جرائم غير ما ذكرت؟
نعم هناك جرائم الغش في السلعة، أو الغش في الميزان،
أو الغش في الامتحان.
المهم ما أريد قوله: أن لكل جريمة وفساد في الأرض وجوهًا محترفة بذلت الجهد منذ الصغر حتى تخصصت في النوع المطلوب.
ما رأيك لو كان هناك مدرسة مجرد أن يدخلها الشخص يحترف في كل هذه الجرائم، ويقوم بكل هذه الأعمال دفعة واحدة لصالحه الشخصي، ولصالح معارفه وأصدقائه، وبدلا من أن تفعلها في الخفاء تفعلها في العلن؛ لأنه لا لوم ولا محاسبة، بل مباركة وسباق وتنافس؟
هذه المدرسة هي الوزارة، وحكوماتنا البائدة محترفة في جميع الجرائم بلا استثناء، كل منهم فعل كلاًّ منها، حكومتنا ما كانت تؤمن بالتخصص شأن صغار المجرمين!
جميعهم سرقوا أموالاً طائلة جرفوا فيها البنوك والبورصة لصالحهم، وأشهر غيرهم إفلاسه.
جميعهم استولوا على أراضٍ شاسعة بنوا عليها القصور والفيللات كأنهم سيعيشون إلى الأبد، وبات غيرهم في المقابر.
جميعهم زيّفوا أصوات الانتخابات، حتى إنهم أقاموا الموتى ليدلوا بأصواتهم بدلاً من أصحاب الأصوات المخالفة.
ومات الشرفاء كمدا.
جميعهم استوردوا الغذاء الفاسد والدواء منتهي الصلاحية؛ لكي يحصلوا على عمولات باهظة مقابل إهدار صحة المواطن، وزاد من تدميرها المستشفى المجاني.
جميعهم جرفوا الأراضي الزراعية واستوردوا طعامنا وكساءنا من نوع رديء؛ ليثروا ويتضخموا!
جميعهم باعوا ممتلكات البلد: منشآت ومؤسسات وموارد، وماء وغازًا وآثارا وماء وجه.. و... و
جميعهم اعتقلوا الناس ودمّروهم سحقًا وتعذيبًا حتى الموت، ولا رجفة عين! ولا خشية من الله.
جميعهم باع الإنسان قطع غيار دون موافقته لصالح الأغنياء وكسب الأموال.
ولما عجزت بنوك بلدهم عن حمل أموالهم، انتقلوا بها لبنوك خارج حدود بلدهم المنهوب، يرونها أكثر أمانًا وضمانًا.
ابحث عن أي جريمة قتل تجدهم وراءها؛ إما بالتحريض، أو التنفيذ، أو المداراة!
القتل بالجملة، والاعتقالات بالجملة، والنهب بالجملة، والغش بالجملة، والجملة بالجملة، حتى ضجّت الجملة منهم!
والأهم أنهم فعلوا كل هذا عيني عينك، لا مواراة، ولا مداراة، ولا تخفّي، وممن يستخفون، وهم خلفاء الشيطان في الأرض، المفوضون بدلاً عنه؛ بعد أن تعب من ألاعيبهم التى فاقت قدراته، فترك لهم الميدان يعيثون فيه فسادًا؛ فإن كان ولابد من حكومات تنهب شعوبها فيالت أن تكون حكومة تؤمن بالتخصص!
....................................................

ـ نُشر هذا المقال فى موقع عراق الأمل على الرابط التالى
http://www.iraqhope.com/index.php?option=com_content&view=article&id=3506:2011-03-24-20-18-47&catid=2:writings&Itemid=89

ـ ونُشر فى شبكة الميثاق الإعلامية على الرابط التالى
http://www.methak.org/ar/?articles=topic&topic=13564

أماه


أماه
أماه
يقال اليوم عيدك يا أمي؛ لكنك في ذمة الله من عشرين عامًا.
كنت سأتوجه إليك بمقولة: كلَّ سنة وأنت طيبة، وأمنحك قُبلة وهدية.
والآن أتوجه لربي أن يرحمك ويغفر لك، ويجعلك في الفردوس الأعلى.
أدعوه أن يتجاوز عن سيئاتك إذا كنت أسأتي، ويضاعف حسناتك التي لمسناها وعاينَّاها كثيرًا.
أسأله أن يجمعني بك في أعلى عليين، وأن يغفر لي زلاّتي بأمنيتك في.
أدعو لك بعدد أيام عمرك التي لم تبلغك الستين، وبعدد ساعات سهرك علينا، وبعدد دقائق تفكيرك فينا كيف ترفعين من شأننا، وتحجزين لنا مكانًا تحت الشمس، وبجانب الطيبين.
أدعو لك بعدد النصائح التى وجهتِها إلينا بحب وحزم.
أماه
مازلت أعجب كيف كنا نحبك ونهابك في آن؟! وكيف كنا بأمرك في كل آن؟! وكيف كنا لا نتحمّل خصامك أو غضبك على أحدنا؛ فيجثم بين يديك يطلب الصفح، ونلتفُّ حوله في وساطة كى تقبلي رجاه؛ لعلمنا بمقدار أساه!
الآن أجثم بين يدى ربي أسأله لك الرحمة والنور، وأن يدخل على قلبك السرور؛ بقربك منه، وباطمئنانك علينا.
نحن من بعدك يا أمي في انتظار شيء لا نعرف ما هو، وفي شوق لك لا نعرف إلى متى، ولدينا كلام مؤجل لنحكيه لك.
أماه
عودتنا الخشية من الله فنراك تحذرين في كل حين.
علمتنا الأكل الحلال فتحرَّيناه في كل حين.
وعلمتنا الرضا بما قضى الله فحمدناه في كل حين.
وفي كل صباح نرى بسمتك في وجوهنا.
أماه
وأنت في عليائك تريننا ولا نراك، وتسمعيننا ولا نسمعك، وترين أفعالنا ولا تملكين لها ردًّا، وتبصرين مكانك في الجنة – نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدًا - ولا نعرفه؛ فبصرك اليوم حديد.
نسألك: هل تواصلين الدعاء لنا؟
هل تخاطبين ربك من أجلنا؟
هل توسعين لنا بجوارك كما كنت توسعين من قبل؟
هل سؤال ربي بدموعي وشوقي إليك سيبلغني مكانتك التي دلت عليها حسن خاتمتك.
آمين آمين يارب العالمين.
...............................

ـ نُشر فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/11/11/276503.html

ادخلوها آمنين ..آمنين


ادخلوها آمنين ..آمنين
رأيت عجائب قدرة الله في جولة قصيرة حول الأقسام التي تقع قريبة مني، فوجدتني أردِّد قوله تعالى:
{فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45]،
وقوله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
قسم السيدة زينب بما له من قوة وسطوة وهيلمان، وبما له من معمار تاريخي فخيم يزيد من هيبته.. قسم السيدة زينب بجنوده وضباطه ومصفحاته الشامخة الرابضة أمام بواباته.. كل هذا أصبح أثرًا بعد عين.. لم تكتفِ الأيدي الآثمة بحرق المبني وإخراج المسجونين وسرقة الأسلحة، والمكاتب وأجهزة الكمبيوتر.. و.. و.. بل جاءت أيدٍ آثمة أخرى واستولت على أخشابه من أبواب ونوافذ، حتى خشب السقف، وتركته هيكلاً خاويًا محترقًا منهوبًا، مذعورة قواته التي يلازم كل منهم بيته الآن لا يدري ما ينتظره غدًا، بعد أن خرج من جدران حمايته بلا سلاح ولا بدلة، مذعورًا راكضًا!!
المشهد ذاته قسم الخليفة أيضًا بتاريخه العريق وقوته الغاشمة، ولا يتخير عنهما قسم الدرب الأحمر، رغم أنه لايزال يحتفظ بسقفه.
والذي أريد قوله: أن في هذه الأقسام قامت كثير من الجرائم، وانتهكت الكرامات والحرمات، تلك الأقسام وغيرها لو كانت ردت حقًّا لأصحابه مرة، فقد عذبت مظلومين واتهمتهم زورًا مراتٍ ومرات!!
وهؤلاء المذعورون الآن فاقدوا أسلحتهم وبذّاتهم، وقوتهم المادية والمعنوية، كانوا يملكون من القوة والسطوة ما هو كفيل بإلقاء الرعب في قلب من يسوقه حظه العسر بين أيديهم!
يا الله! جهاز بكامله لحماية الفساد والمفسدين، لذلك أعطيت الأوامر بسحب الشرطة نكاية في المتظاهرين؛ وكأن هؤلاء المتظاهرين ليسو من ضمن عملهم، والعلاقة الوحيدة بينهما هى الضرب والأخذ على اليد، أو ننسحب ونوكل الأمر للبلطجية المأجورين ليكثفوا بجوار ترويعهم للآمنين، اعتدائهم على الشباب الذي خرج يطالب للشعب كله بالحقوق والعدالة والكرامة.
ولأنهم أصحاب قضية ومبدأ، ولأنهم خرجوا وأكفانهم على أيديهم، ولأنهم يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؛ لم ينسحبوا من الجهاد، لا من أمام الشرطة بقنابلها المسيلة للدموع، ولا بنادقها برصاصها المطاطي والحي، ولا بخراطيم مياههم الثقيلة، ولم ينسحبوا من أمام البلطجية بنيرانهم وهراواتهم وسيوفهم وخيولهم ونوقهم!
وكانت قدرة الله أن يفشل جهاز القوة والبطش والقمع، وتفشل أساليب البلطجة والشغب، ويثبت المتظاهرون العزَّل، وينقلب السحر على الساحر.
حرقت جميع الأقسام في ساعة واحدة، وكأنه انتقام من القهر والظلم بهدم معاقل الشر والتبعية بلا رحمة.
وأضيف أن مصر محروسة، وثورتها مؤيدة من الله سبحانه، ونحن نلمس يد الله الرحيمة في كل شيء؛ فقد تمت ثورتها بأقل الخسائر، واستجيبت لطلباتها بروح الود والمحبة من قبل القوات المسلحة، ورغم أن الأيدي الملوثة لاتزال تعمل في الظلام فتحرق وتدمّر كل مكان فيه دليل إدانة؛ مثل مباني أمن الدولة، أو الجهاز المركزي للمحاسبات، وبعض أعمال الشغب لاتزال تتم بصورة أو بأخرى، ، إلا أن مصر لاتزال بخير، أهلها آمنون، وهم وجيشها يد واحدة؛ فادخلوها آمـنين.. آمـنين. 
......................................................

ـ نُشر هذا المقال فى موقع عراق الأمل على الرابط التالى
http://www.iraqhope.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2563:2011-03-07-16-21-09&catid=2:writings&Itemid=89

الكرسي المجيد .. و .. الأخر المحترم


الكرسي المجيد .. و .. الأخر المحترم
من أجل الكرسي المجيد يخلع من يجلس عليه كرامته ومبادئه ووطنيته، ويذل نفسه لمن هو أكبر منه، ويعتبره وليَّ نعمته.
وبسبب الكرسي المجيد يذبح شعبه ويسيل دماءه أنهارًا، دون رادع من ضمير، وكأنهم يعيشون أبدًا، وما يحدث لغيرهم لا
يحدث لهم؛ لذلك لا يتعلمون من تجارب السابقين.
نعم الكرسي فقط هو أصل كل بلاء في عالمنا الأهوج.
من أجل الكرسي تهتف الشعوب: يحيا الزعيم، بالروح والدم نفديك يا عظيم، أنت فل الفل ونحن لا نستحق كل هذا الكرم منك.
أما لو نطق أحد: نريد كرامتنا وعزتنا، نريد لقمة عيش هنية، نريد بعض حرية، فالويل كل الويل.
من أجل الكرسي يصاب حكامنا بنوبات من الصرع والشراهة، فينسون دورهم الرئيس من خدمة الشعب والعمل على مصالحه، بل يتحول الأمر إلى خدمة أنفسهم ومعاونيهم دون وعي أو ذرة عقل.
وبدلاً من العمل على تنمة الأموال تكدس بالمليارات في خزائنهم، وتفكيري القاصر لا يدرك الفائدة من تكدس تلك الأموال دون استثمار، والانسان في زعمي المتواضع لا يأكل أكثر من ملء بطنه مهما كانت واسعة، ولن يلبس أكثر مما يحيط ببدنه مهما كان بدينًا، ولن ينام إلا في مساحة ضعف جسمه حتى وإن كان كثير التقلب في الفراش!!
أما الأجواء التي يعيش فيها ويمنحها كل مظاهر الأبهة والعظمة، فقد تحققت بالفعل، فما فائدة التكديس؟ لا أدري!
والأنكي أنه تكديس ليس عن فائض إنما هو رغم فقر العباد وفساد البلاد، وتعطل الإنتاج وخراب الذمم وبيع الضمائر و............ و............... كثير.
وعندما يهرب لا يستطيع حمل أثقاله مما كنز، فيتركها وينجو بجلده.
ولأن هذا الكرسي المجيد هو السبب - كما أوضحنا – وجدتني أرفع يدي بتحية تعظيم وإجلال لكرسي الأوتوبيس.
كرسي الأتوبيس هو الوحيد المحترم.
الكرسي الوحيد الذي تتركه طواعية إذا جاءت محطتك، والكرسي الوحيد الذي تعزم به على من هو أكبر سنًّا أو أضعف بدنًا، والكرسي الوحيد الذي يستحقه من يقف بجواره، فلا يأتي أحد من بعيد يحاول الاستيلاء عليه، إلا إذا سمحت له.
والكرسي الوحيد الذي تعرف أنه ليس ملكًا لك وحدك؛ بل ملكية عامة يجب المحافظة عليه.
كرسي الأتوبيس يوصلك لغرضك في راحة، دون تكاليف زائدة، والكرسي الوحيد الذي تدفع له ثمن خدمة يؤديها لك، لا أن يدفع لك هو من دم الغلابة ثمن تحكمك فيهم.
والكرسي الوحيد الذي يحمي من يجلس عليه من الحسد
والانقلاب والتآمر والخداع.
توصية: ليتكم تصنعون للحكام الجدد كراسي من مثل مادة كرسي الأتوبيس ثم تدرسون فلسفته في المدارس بعد إصلاح التعليم.
.................................................

ـ نُشر هذا المقال فى موقع عراق الأمل على الرابط التالى
http://www.iraqhope.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2471:2011-03-05-16-26-30&catid=2:writings&Itemid=89

ـ ونُشر فى شبكة الميثاق الإعلامية على الرابط التالى

http://www.methak.org/ar/?articles=topic&topic=12971

ـ ونُشر فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى

إلى أحفاد المختار


إلى أحفاد المختار
إلى أحرار ليبيا العظام.. إلى أولاد وأحفاد عمر المختار
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال:
(فرض الله الجهاد لسفك دماء المشركين، وفرض الرباط لحقن دماء المسلمين, وحقن دماء المسلمين أحب إليَّ من سفك دماء المشركين).
الرباط: هو الإقامة في الثغور، وهي الأماكن التي يُخشى على أهلها من الأعداء.
والمرابط: هو المقيم فيها والمعد نفسه للجهاد في سبيل الله، والدفاع عن دينه، وإخوانه.
 (والرباط من أفضل الأعمال)
قال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها)
 (والمجاهد من جاهد نفسه لله عز وجل).
 (والمرابط من الذين تجري عليهم أجورهم بعد الموت)
 (والمرابط يؤمن من الفزع الأكبر يوم القيامة)
 (والمرابط يبعث يوم القيامة شهيدا)
(وللمرابط في سبيل الله أجر من خلفه ومن ورائه)

(ورباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل)
(والمرابط لا تمسه النار يوم القيامة)
وهذا ما كان عليه المجاهد البطل عمر المختار الذي رفع له الجنرال يده بالتحية احترامًا وتقديرًا وهو يعدم.
فاشكروا لهذا الطاغية ظلمه الذي وحَّدكم وجعلكم على قلب أتقى رجل فيكم، اشكروا له أنه بحماقته - التي سيحاسبه عليها الله ثم التاريخ - أخرج معدنكم الأصيل، وإباء نفوسكم، وقوة بأسكم.
فقد استسلمتم كثيرًا كما استسلمنا نحن، وعطلتم - كما عطلنا - قول كلمة حق في وجه سلطان جائر،وعطلنا (من رأى منكم منكرا فليغيره).. فلما هببنا نقاوم الظلم ونقاوم الفساد، كان لابد للظلم والمفسد من المكابرة، ولابد له من التمسك بمغانم لا حد لها، وسلطة تغري أصحاب النفوس التي تود أن تعيش أبدا.
ولو حصلتم على نصر سهل لفقدتم قيمته ومتعته.
دعواتنا لكم، وقلوبنا معكم، وأنظارنا عليكم، وتأييدنا لمسيرتكم وقوة عزمكم ، وإعجابنا باحتفائكم بالشهداء حين تطلقون الزغاريد بفوزهم بالجنة.
وأكرر لكم قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)
وقوله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض).
فهذا الدفع ليس فقط لإقصاء الطاغية عن الحكم، ولكن أيضًا
إصلاح النفوس وشد العزم والتكاتف والتآزر بين فئات الأمة.
فما النصر إلا صبر ساعة
والنصر آت لا محالة
...........................................

ـ نُشر هذا المقال فى شبكة الميثاق الإعلامية على الرابط التالى
http://www.methak.org/ar/?articles=topic&topic=12898

ـ ونُشر فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى

آسفين يا ريس


آسفين يا ريس
 إلى الذين يقولون: آسفين ياريس، أقول معهم: آسفين يا ريس؛ آسفين يا ريس؛ أن تركناك كلَّ هذا العمر تعيث في الأرض فسادًا؛ فقد أفسدناك بصمتنا، والساكت عن الحق شيطان أخرس، فكنت أنت الضحيةَ، ونحن الشيطان.
آسفين يا ريس؛ أن تركناك تكنز المليارات، وترمي بالفتات لشعبك، فانقسم بين كادح ومرتش!
العامل الشريف يحمل عدَّته، ويجلس على الرصيف ينتظر من يأخذه؛ لهدم حائط، أو تسليك مجاري، ويعود بقروش قليلة، وكثيرِ إنهاك وتعب.
والموظَّف الشريف ينفجر رأسه في حساباته: كيف ينتهي الشهر على خير بالمليمات التي يتقاضاها كلَّ ثلاثين يومًا؟! هذا لو حافظ على طهارة يده.
آسفين ياريس؛ أن تركناك تبيع البلد أرضًا ومنشآتٍ، فصفَّيتها لحسابك وأعوانك، وعاش 40% من شعبك في عشوائيات مهينة، في حفر ومجاري، وبلا آدميّة.
آسفين يا ريس؛ أن تركناك تحكمنا بالطوارئ ثلاثين سنة، رُمي بسببه الآلاف في السجون، وضاع مثلهم في المعتقلات دون تهمة أو مبرر.
آسفين يا ريس؛ أننا لم نفهم قدر كلاب الفتك وجهاز التعذيب الذي مهمّته الضرب حتى الموت لشباب مصر، وكل صاحب رأي ومبدأ.
آسفين يا ريس؛ أن تركناك تحمي سارقي أموال البنوك، والهرب بها، بمباركتك وتشجيعك، فانهار اقتصاد الدولة الغنية صاحبة الحضارة العريقة.
آسفين ياريس؛ أن تركناك تستورد لنا الغذاء الفاسد منتهي الصلاحية، والدم الفاسد، وتخسف بمن يتكلم ويُظهر الحقيقة الأرض.
آسفين يا ريس؛ أن تركناك تفسد الضمير إلى درجة تعجز الشيطان، فلم يقف حد السرقة عند حدود المال والأرض؛ بل تعدَّى إلى قلب الإنسان وأعضائه، فيدخل المستشفى بالزائدة، ويخرج بدون الكلى، أو جزء من الكبد؛ فلم يعد مريض مخدَّر يأمن على حياته بين يدي الطبيب، ولا مسلوب حق يطمئن إلى قاض، ولا ضعيف يسعى إلى رجل دولة.
آسفين يا ريس؛ فأنت تحمي القاتل وتدين الضحية؛ فلو كان القاتل ابنَ وزير، فالويل لمن يتفوَّه باسمه، وهناك دائمًا من يتحملها نيابة عنه.
لا أدري أعتذر لك عن ماذا أو ماذا؟! فنحن الذين سكتنا وأنت ضحيتنا؛ وجب الاعتذار:
آسفين يا ريس
....................................

ـ نُشر فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى

وسقطت ورقة توت النظام


وسقطت ورقة توت النظام
جاءت الانتفاضة المصرية عفوية من شباب لا هدف له سوى الاصلاح جاءت نتيجة عهود من الفساد الذي يفوق قدرة العقل على التخيل.
جاءت دون تأييد أو حماية من النخب الحزبية والسياسية، ودون إذن مسبق من أي طرف داخلي أو خارجي.
كانت انتفاضة نظيفة حضارية تحمل كل سمات التحضر والتقدم وتبشر بجيل جديد، قوي واعٍ متحضر وصاحب قضية، شباب جديد بوسائط جديدة، سمى نفسه بشباب الفيسبوك.
تقابل الشباب مع بعضهم البعض دون أن يعرفوا وجوه بعضهم البعض ولكن تجمعهم القضية والهدف، استطاع هؤلاء الشباب بصمود مهذب وشعارات محددة أن يحصل على مكاسب نادي بها رموز الأمة عشرات السنين ولم يتمكنوا من زحزحة النظام عن صلفه وقوته وتوجهاته وخططه وترتيباته وطموحاته التي لا تحد..
وأنتم تريدون والنظام يريد وهو القادر لعشرات السنين وهذه القدرة مكنت لاستشراء الفساد بصورة يعجز الشيطان عن القيام بها ولكن استطاعها النظام وأعوانه؛ استطاع تفكيك منشآت البلد وبيعها خردة لتجار الخردة، استطاع أن يحمي سارقي المليارات من البنوك والهرب بها خارج البلاد، استطاع أن يهب أراضي البلد بلا مقابل لأعوانه يثرون من ورائها ثراء فاحشا ينفقونه على المغنيات والراقصات، وابن البلد وصاحب الحق يتدور جوعا وبحثا عن مسكن آمن لا يجد ثمنه، استطاع أن يحمي مستورد الغذاء المسرطن ومنتهي الصلاحية، فامتلأت المصحات بمرضى السرطان والفشل الكلوى، والعلاج فقط القادرين، استطاع أن يحمي قاتل الألاف في مياه البحر، فيعطيه الفرصة للهرب، ويصنف جريمته بالجنحة، استطاع أن يمد عدوه وعدونا بموارد البلد فيتقوى بها علينا ويبارك همجيته على ابن العم، استطاع أن يذل كل فآت الشعب فلم نجد فئة لا تحتج وتقف معتصمة مطالبة بحقوقها، فاحتج الأطباء والمحامون، والصحفيون، وعمال المصانع، وحتى العجزة وذوي الاحتياجات الخاصة احتجوا وافترشوا الرصيف المواجه لمجلسي الشعب والشورى.
كل هذا الاحتقان تراكم وكبر بكثرة السنين وجاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بتزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة والتي كانت فجة ومفضوحة؛ فهذا النظام من سماته الفعل المشين عيني عينك.
وفشلت كل وسائل القمع من قطع الاتصالات أو فرض حذر التجول أو التصريح للشرطة بالاعتداء على المتظاهرين في وقف مسيرة الشباب والتمسك بمطالبهم..
هذه الانتفاضة الحضارية الشبابية حققت بعض المكاسب وليست كلها، لكنها هزت عرش وأثارت حنق المنتزع منهم هذه المكاسب، فلم يقبل النظام وأعوانه أن يحرم من هذه المكاسب وأن تغل يده وأن تجهض طموحاته، فلم يقبل الرئيس أن يخرج من السلطة دون أن يسلمها لابنه وهو الذي رتب لها بمساعدة شلة المنتفعين لسنوات طوال، ولم تقبل شلة المنتفين أن تحرم من الكعكة وكأنهم لم يشبعوا بعد، فانقلبوا كالغيلان الفاتكة، والوحوش الكاسرة على خيرة الشباب بحرب خسيسة مستعنين بالخارجين عن القانون، والبلطجية والمرتزقة.. وهؤلاء ليسوا بأغراب عن النظام؛ فهم أعوانه في قمع المظاهرات، وفض الاشتباكات، وتزوير الانتخابات، والهتاف باسم الطاغية.
استعانوا بالبلطجية لفض الاعتصام بالقوة وهو الذي كان في طريقه لأن ينفض سلميا كما بدأ سلميا، أمدوهم بالأسلحة البيضاء، وزجاجات الحرائق، والمساندة الحقيرة، دون خشية من إعلام ينقل الحدث لحظة بلحظة، ويسجله التاريخ حيا صادقا موثقا.. ولا وازع من ضمير، فليس لهم قلوب البشر، ولا رحمة الانسان، ولا عقل الحكيم. وكأن النظام القاهر قد وفر ذاخرته وعدته وهجمته ليصبها في صدر ابنه بدلا من عدوه.


استطاع النظام الفاشي أن يقتل فرحتنا بأجيالنا القادمة، وأن يضر نفسه ويلوث ما تبقى من سمعته، وما منحه من تنازلات هزيلة استطاع بها أن يرسم بطولة زائفة، فسقطت ورقة التوت وعجل برحيله.
وتشكلت البطولة الحقيقية لهؤلاء الشباب غير المسلح الذي سقط منه آلاف الجرحى والقتلى، رافضين ترك مواقعهم واصرارهم على مطالبهم، فهم أصحاب قضية عامة لا مصالح خاصة وأدركوا أن للحرية ثمن هى دماؤهم، ليس أمامنا غير التوجه الى الله ليزيح هذا الكابوس، ويطلع النهار. 

انطفأ النور.. فمضى


انطفأ النور.. فمضى
انطفأ النور، تعانَق العَقْرَبان، لكنَّه قَبل أن يتلاشَى، ضمَّني بشِدَّة، شعُرتُ بأنَّه يتحوَّل إلى شعاع يذوب في لحظة هي العمر، فيها مشاعرُ العام الذي يلمُّ عباءتَه، والأعوام قبْلَه، عادَ النور يتلألأ، لم أجِدْه، لم يكن هو، ولم أكن أنا، صِرْنا جسدًا واحدًا ونبضًا واحدًا.
منذ الآن لن ننفصلَ أبدًا، ولن نفترق أبدًا.هذا صوتُه مِن الأفق رددتُ عليه بمشاعري:
• رغمَ أنَّنا لن نلتقيَ أبدًا.. أبدًا.أنتَ عامٌ مضَى، صرتَ في لحظةٍ ذكرياتٍ حلوةً، مشاعِر تغمُرني، صرتَ بطعم (الكوكتيل)؛فيه كلُّ الفواكه ولا تميز إحداها، صِرتَ بلون الطَّيف تتداخَل ألوانُه، فتشف ولا تحدد مداها، صرتَ، وصِرتَ، حتى كلمة "صرت" لها طعمٌ حلوٌ غير معناها بيْن الكلمات، فلم تحصُل على هذا اللَّقَب إلاَّ بعْدَ معاناتك فينا ومعاناتنا فيك.كلَّ يوم في العام الجديد أستطيع القول:
"حدَث في مِثْل هذا اليوم"، وهى حِيلتي كي أتذكَّرَك، أستطيع أن أحسَّ بكَ إحساسًا أكثرَ ودًّا ووعيًا، وأنْ أرى بعيونك رؤيةً أكثرَ نُضجًا ووضوحًا، وفي داخلي مزيجٌ غريب بين فِعل المضيِّ وفعل الحضور، يتولَّد منهما فعلٌ جديد ليس مِن أفعال اللُّغة؛ بل مِن أفعال القلوب، فعل تَستحلب طعمَه، وتَستنشق عبيرَه، وتَلمس دِفئَه.عام جديد، أين القديم إذًا حتى أوليَه ظهري، أوقفْني على عتبتِه، خُذ بيدي تلمس طرف أنامله، لو كانتْ له أنملة، انشرْ في المكان رائحتَه؛ لكي أميِّزَ فرق القديم مِن الجديد، لو كان جديدًا!عام مضى، صحيح غاب، ذاب في السرمَدِ، لكنَّه أخْرَج لنا عصيره؛ رحيقًا نشرب، وعبيرًا ننتشي، وحُلمًا نضَج، كل ما خلفه ماض في تحديد ملامحه.أيُّها العام الذي يُسمُّونه "مضَى"، لِمَ وافقتَ أن تُنعتَ بهذا الاسم؟!
لمَ ترضَى باسم يبخسُكَ حقَّك، يتجاهلونَ مِن خلاله دورك؟هل يُبغضك مَن أضفتَ له خطًّا على وجهِه؟
هل لأنَّك أضأتَ لهم ليل رُؤوسهم بنورِك الفِضي؟
هل لأنَّك أبكيتَ كثيرين على أعزائهم؟
وفرقت بين محبِّين خدَعَهم الوهمُ طويلاً؟
فأنتَ أيضًا منحتَهم حيوات جديدة، وأقمتَ لهم أفراحًا عديدة، وجمعتَ بين محبِّين آخرين، وثبَّتَّ وقفةَ طِفل كانتْ مُرتَجَّة، وشددتَ ساعِد فتًى كانتْ ضعيفة، وكم أقمتَ مِن بنايات شاهقات، وكم أزهَرْتَ مِن نباتات، أبقيتَ لنا الأفراحَ وذاب الحزن في كاسات الأمَل، وصار ذكريات.أنت لم تأتِ بجَعْبة فارِغة، ولم تمضِ بلا دور، الصاخبون فقط مَن لا يحسُّون بدبيبِ أقدامِك وهو يدقُّ في رؤوسهم كالأجراس، يحاولون إسكاتَه بدقِّهم الطُّبول؛ كي ترحل عنهم، ويظنُّون في العام الجديد الخيرَ، وهم على حالهم كُسالَى، والأولى بهم الوقوف أمامَ مِرآة أنفسهم في نظرةٍ للتأمُّل وحِساب للنفس.لا أغترُّ برحِيلك الهادئ، والتسلُّل الناعِم للقادم بعدَك،الجالِس فوق مقعدِك بعدَ أن منحتَه الرقم التالي لك، بل أكاد أسمعُكَ وأنت توصيه:
(هذه المرة الألفين وأحَدَ عشَر عامًا) التي يُسمَّى فيها شهر يناير، فاجعلْ بدايتك خيرًا للجميع، وأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، علِّم الناس العدلَ والمحبَّة، فالبُخل ليس مِن صفاتك،اجعلْ نسيمك واحة للجميع، وخيوط قمرِك تُلوِّن أرواحهم، وابعثْ دفءَ شمْسِك ساريًا بين المتفائلين، حتى الذين يُودِّعونني مهلِّلين لا تَحقِد عليهم مِن الآن؛تحسُّبًا للحظة رحيلِك، هي محاولاتٌ يائِسة للتعجيلِ بالجديد.حسنًا، ما دُمتَ عزمت على الرحيل، فنحن نلوِّح لك، نَمْ قريرَ العين بجوار السِّنين، نحن على عهدِك ماضون.

تطاول على .. وسب أمي


تطاول على .. وسب أمي
لماذا غضبتُ من المدعو "ياسر حبيب" الذي سبَّ السيدة عائشة - رضي الله عنها - زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابنة أبي بكرٍ الصِّدِّيق - ثاني اثنين إذ هما في الغار - وأُريد أن أقاضيَه؟
هل لأنه يعتنق فِكرًا غير فكري؟ بالطبع لا، فليعتنق ما يشاء،
هل لأنَّ له وجْهة نظرٍ مختلفة عمَّا أعتقده؟ لا، فليتبنَّ ما شاء من الفكر،
هل لأنه لا يعترف بأبي بكرٍ وعمر وحَفْصة وعائشة؟ لا، فليُعْلِن عدم اعترافه كما يشاء.
ولكن أقاضيه؛ لأنه سبَّني أنا شخصيًّا، وسبَّ أُمِّي، والسبُّ والقذف له عقوبة شرعيَّة وعقوبة قانونيَّة.
أما العقوبة الشرعية، فهي:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 23].
أما العقوبة القانونية، فهي:
نصُّ المادة حسب القانون المصري الذي أنتمي إليه: مادة (306):
"كلُّ سبٍّ يتضمَّن بأيِّ وجهٍ من الوجوه خدشًا للشَّرف أو الاعتبار، يعاقب عليه في الأحوال المبيَّنة بالمادة (171) بالحبس مُدة لا تجاوز سنة، وغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين".
ونصُّ المادة في القانون الكويتي الذي ينتمي إليه (المادة 209):
"كلُّ مَن أسندَ لشخصٍ؛ في مكانٍ عام أو على مَسمعٍ أو مَرْأى من شخصٍ آخرَ غير الْمَجني عليه، واقعة تستوجبُ عقاب مَن تُنسب إليه أو تُؤْذي سُمعته، يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبغرامة لا تجاوز ألفَي "روبية"، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ومَن ترَكَ على مرِّ الزمن الذي يَسبُّه في دينه وعِرضه ومُعتقده بلا عقاب؟! هل كان يتسامح أهْلُ الجاهلية مع مَن يسبُّ آلهتَهم، وهي أصنامٌ من حجرٍ وخشب وعجوة؟! حينما عابَ سيدنا إبراهيم الأصنام وكسَّر بعضَها، ماذا فعلوا به؟ ألقوه في النار.
أنا أيضًا لن أتركَ مَن سبَّني بلا عقاب، قد يقول قائلٌ: هو لم يعرفْك ليَسُبّك، أقول: بل يعرفني عندما عرَفَ أنَّه يوجد عددٌ من المسلمين السُّنة، وأنَّ هؤلاء يؤمنون بأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - طاهرة مُطهَّرة، وبريئة مُبرَّأة بالنصِّ القرآني الحاكم لي وله، فهي أُمُّهم، ولم يتوجَّس خِيفة بأن يهبَّ كلُّ هؤلاء لنُصرة أُمِّهم بالقصاص منه، فهو أيضًا يستخفُّ بعقولنا نحن أهْلَ السُّنة والجماعة، أقاضيه؛ لأنه لم يسبَّها في جمْعٍ من أهْل مِلَّته، بل أخَذَ سبّها صفة العَلَن حين اتَّخذ مؤتمرًا في ذِكرى وفاتها حشَدَ له وجهَّزَ له كلَّ وسائل النشْر والإذاعة، ليصلَ صوتُه لكلِّ مسلم وغير مسلم في كلِّ بقاع العالم، ويبقى في سريره آمنًا!!
أقاضيه لأنَّه رماها بما ليس فيها من فُحشٍ وتبرُّج وغيبة، بل واتَّهمها بقتْل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا يُسمَّى في القانون الوضعي سبًّا وقذْفًا.
فاجتمع مع سبِّها ومع صفة العَلَن أيضًا الكذب والبُهتان والافتراء المشمول باليمين المغلَّظة، فوقَعَ أيضًا في الحَلِف الكاذب.
أهيبُ برجالات الأُمَّة ونسائها أن يأخذَ كلٌّ منهم على عاتقه شخصيًّا مسؤوليَّة أنَّه المعني والمقصود بالسبِّ حين سُبَّتْ أُمُّه، ويجب ألاَّ نستهين بهذا الأمر ولا بهذا القول، وكما قال المثَلُ: إنْ كان عدوُّك نَمْلة، فلا تنم له، الكلُّ يجب أن يجاهدَ بطريقته، ولا بُدَّ وأن نكونَ على قلبِ رجلٍ واحد دون رأْفة ولا هَوَادة، وأنْ يكونَ القصاص بالتعذير؛ حتى يكونَ عِبرة لمن تُسوِّل له نفسُه، ولا يكون هذا الدَّعِيّ المدَّعِي هو بداية لكلِّ مَن أراد أن يُدْلِي بدَلْوه، ويستعرض زلاَّت لسانه.
.....................................................

ـ نُشرت فى موقع المختار الإسلامى على الرابط التالى

أمن أجل فاروق حسنى هذه الضجة الكبرى علام


أمن أجل فاروق حسنى
هذه الضجة الكبرى علام
لماذا كل هذه الضجة علي تصريح برأي قاله وزير الثقافة..؟
هذا سؤال طرحه عدد غير قليل سواء ممن يؤيدون الحجاب أو الرافضون له.
فالمؤيدون يقولون: إن وزير الثقافة ليس فقيها في الدين ورأيه ليس بذات أهمية، ورأيه غير مؤثر ، والمحجبات في تزايد، وكونه غير سعيد  بانتشاره فتكفيه التعاسة عقابا.
وأما الرافضون للحجاب فيقولون: وقع المحظور وانكشف المستور..
ولهثنا لكي نعرف ما هو المستور الذي انكشف فإذا به فخ نصبه القدر للجماعة المحظورة وهي في رأيهم جماعة قمعية لا تطيق الرأي الأخر.. وانحصرت القضية في وجهة نظر، ورأي آخر.
لا هذا ولا ذاك يا سادة، القضية الاساسية لهذه الضجة هي أن التي تلبس الحجاب تعتقد أنه من الدين وأمر سماوي، وخالق الكون، وخالق الانسان هو الذي فرضه علي المرأة ضمن دستور كامل، ومنهج تام ينظم اسلوب الحياة علي الأ رض، لم يخلق الله الكون والانسان ويتركه سدي دون أن يرتب له حياته في جميع العلاقات والمعاملات، والعبادات، وقد حرم الدين علي الانسان بعض من أنواع الطعام والشراب فمن باب أولي أن يفرض عليه شكل اللباس.
فإذا جاء الوزير أو غيره وقال :
 ( إن هذا الزي الذي فرض علي المرأة المصرية لم يعد يناسب العصر!!) نقول له :
إنه فرض من الخالق الباريء المصور، وهنا يصبح الموضوع خارجا عن وجهة النظر والرأي الآخر، وإنما يصبح تطاولا علي الذات الإلهية، وانتقاصا لقدرة الله سبحانه لأنها عاجزه عن إدراك تطور العصر ففرضت زيا يصلح لعصر دون عصر.
" بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون" (العنكبوت : 49)
وهو تعطيل لآية قرآنية واضحة الدلالة. " وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم):
يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" (الفرقان: 30)
وهجر القرآن كما قال ابن القيم رحمه الله أنواع خمس:
الأول: هجر سماعه والإيمان به.
والثاني: هجر العمل به وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه.
والرابع: هجر تدبره وتفهم معانيه.
 والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به من أمراض القلوب.
فإذا كان الوزير وغيره لم يداووا أمراض قلوبهم بالقرآن ويهجرون العمل به، والتحاكم إليه في شئونهم فما لهم والآخر الذي يحكم القرآن في جميع حياته، فيتهم بالتخلف والردة والجهل..... إلي آخر القائمة.
"فورب السموات والآرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"   ( الذريات: 23)
وكما قلت إن سبب الضجة ليس الاتهام بالتخلف، والردة، والجهل، ولكن التطاول علي ذات الله والاستهزاء بما فرضه، والهجر للقرآن.. وما هو القرآن..؟
هو كلام الله عز وجل المنزل علي سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم)  بواسطة جبريل عليه السلام، المتعبد بتلاوته، والمتحدي بأقصر سورة، المنقول إلينا نقلا متواترا.
وتقول الروايات إن القرآن نزل دفعة واحدة إلي السماء الدنيا لأنه كلام الله، وكلام الله قديم غير مخلوق علي رأي، ثم نزل علي النبي (صلي الله عليه وسلم) منجما.
ونقول منجما حتي لا نقول مقطعا أو مفرقا، ومنجما جاءت من النجوم لعلو منزلته، ولكن هناك من يجادل.
" وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة، كذلك لنثبت به فؤادك، ورتلناه ترتيلا"      (الفرقان:32)
إذاً نزل القرآن منجما لعدة أسباب:
- تثبيت فؤاد النبي(صلي الله عليه وسلم)
- الرد علي أسئلة الصحابة (رضوان الله عليهم)
- موافاة الأحداث
- تيسيرا لحفظه.
- التدرج في التربية والتكاليف.
- ثم تجدد نزول الوحي.
فنقول للذين يرفضون آيات الحجاب معلقين ذلك علي فهم أسباب النزول بقولهم:
(فقد تدل ألفاظ الآية علي أن الحكم الذي تتضمنه حكما عاما في حين أننا لوعلمنا سبب نزولها لأدركنا أنه حكم خاص متصل بقصة معينة أو بشخص معين)
***
نقول لهم فوائد معرفة أسباب النزول هي:
- معرفة حكمة الله تعالي علي التعيين فيما شرعه بالتنزيل.
وفي ذلك نفع للمؤمن وغير المؤمن:
أما المؤمن فيحرص علي تنفيذ أحكام الله والعمل بكتابه.
وأما الكافر فتسوقه الحكم الباهرة إلي الإيمان إن كان منصفا..!
- الاستعانة علي فهم الآية ودفع الاشكال عنها.. قال الواحدي:
( لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف علي قصتها وبيان نزولها)
- وقال ابن تيمية:
(سبب النزول يعين علي فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب)
- تخصيص الحكم بالسبب عند من يري أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، مثل آيات الظهار، فبديهي أنه لا يمكن معرفة المقصود ولا القياس عليه إلا إذا علم السبب.
- معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ورد مخصص لها، وذلك لقيام الاجماع علي أن حكم السبب باق قطعا.
- معرفة من نزلت فيه الآية علي التعيين، حتي لا يشتبه بغيره فيتهم البريء.
- تيسير الحفظ والفهم، وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها.قال تعالي:
"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن علي جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أوأبائهن، أو أباء بعولتهن، أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن، أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علي عورات النساء، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم ترحمون"   ( النور:31)
** *
في هذه الآية سبعة أوامر:
أولا: غض البصر،
ثانيا حفظ الفرج،
ثالثا: الاقتصار علي الزينة الظاهرة،
رابعا: اسدال الخمار علي الجيوب،
خامسا: تحديد المحارم المطلعون علي زينة النساء،
سادسا: عدم الضرب بالأرجل للفت الأنظار،
سابعا: التوبة إلي الله عما سلف.
فكيف بالله نأتي لآية واحدة ونحذف من وسط هذه الأوامر أمرا واحدا فقط خاصا بلزوم تغطية شعر المرأة..!!
فكلمة بخمرهن لمن تتكلم العربية دليل علي لزوم الغطاء للرأس، أي أن الأصل هو تغطية الشعر، والآية تفرض أن الشعر عليه خمار بالضرورة، وفقط تطلب أن المرأة تغطي بهذا الخمار فتحة الصدر..! وهذا هو الدليل علي وجوب تغطية الرأس.
***
وسبحان الله لقد أمر الله بغض البصر وضرب الخمار في سطر واحد، فهما معنيان متلازمان، وأيم الله لا نجد رجلا يغض بصره عن امرأة سافرة أبدا وإنما يغض بصره بالفعل عن – وهذه من آيات الله سبحانه- عن الملتزمة بأمر دينها، فكيف نطلب من رجل أوشاب يقف أمام امرأة كاشفة عن شعرها وصدرها وذراعيها وساقيها ونطلب منه أن يغض بصره..؟!
***
ولشدة التأكيد علي ضرورة الالتزام بما جاء في سورتي:
 (النور والاحزاب) نجد قوله سبحانه وتعالي:
" سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تفلحون" ( النور:1)
" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذ ا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا" ( الأحزاب:36)
وإذا كان الخوف من اتخاذ بعض الفقهاء تلك الآيات ذريعة للإفتاء بالحجرعلي النساء، وغالوا في ذلك فمنهم من أفتي بتغطية بدن المرأة كلها إلا عينا واحدة، ومنهم من أفتي بستر جميع بدن المرأة بما في ذلك الوجه والكفين والقدمين(الحنابلة) ومنهم من رأي أن قدمي المرأة ليستا عورة عملا بمبدأ "الابتلاء بالابداء"( أبو حنيفة)
فهكذا النفوس المؤمنة منها ما تأخذ نفسها بالشدة، ومنها ما تميل إلي الاعتدال، وكلها مثابة علي اجتهادها بإذن الله، ولكن من منهم أفتي بإظهار الشعر الذي هو موضوع خلافنا..؟!
ومن منهم أفتي بأن الآية الكريمة كانت لتيسير خروج المرأة في الصحراء؛(لقضاء حاجتها وكفي) ومن جرؤ وقال:
وقد نسخ هذا الحكم بوجود دورات مياه في البيوت.
والمعروف أن الآية تنسخ بآية، وفي زمن نزول الآيات، لا برأي يقول: لم يكن هناك دورات مياه في البيوت، فهذه سخرية من كلام رب العزة، وهذا اجتهاد يتوقف علي نية صاحبه وهو غير ملزم لمن يتق الله ورسوله.
ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين" (الاحزاب:24)
فإذا قال البعض بتغطية بدن المرأة كله, إلا عينا واحدة، وأرادت بعض النساء الأخذ به سدا للذرائع فلها حريتها.
وإذا قال البعض بإبداء الوجه والكفين والقدمين وأرادت بعض النساء الأخذ به تيسيرا فلا بأس عليها. أما أن نرفض هذا وذاك ونبتر الآية فهذا يقع تحت قوله تعالي:
"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" (البقرة:85)
الكتاب كله في قلبي، الكتاب كله علي رأسي، أما أن نأخذ بعضه ونترك بعضه فسوف يؤدي هذا التهاون إلي ترك الباقي وتعطيل كلام الله والأخذ بكلام البشر الذي هو بالضرورة قاصر عن إدراك الحكمة.
***
أما القول: إن الاسلام لم يبتدع الخمار ولم يبتكر الجلباب وكان من العادات السائدة قبل الاسلام فهذا صحيح:
- وشرب الخمر أيضا كان من العادات السائدة قبل الاسلام وحرمها الله سبحانه وسالت الخمر في الطرقات أنهارا.
- والتعامل بالربا أيضا كان سائدا، وهو من معاملات الناس اليومية، وحرمها الله وامتنع الناس في الحال عن التعامل بالربا.
- وكان طلاق الرجل للمرأة وارجاعها دون رضاها إلي مالا نهاية وقننه الاسلام بثلاث فقط  وامتثل الناس في الحال.
- وكان للرجل أن يتزوج ما شاء له من النساء بلا عدد وحدده الاسلام بأربع فقط، وطلق من كان متزوجا بأكثر من أربع ما زاد .
- وكانت عادة التبني سائدة ومعترف بها، وقال الاسلام ادعوهم لأبائهم وفي الحال غير الناس أسماء أدعيائهم .
- وكانت هناك عادة وئد البنات، وحرمها الله .
- كل هذا تم تنفيذه في الحال فور نزول الأمر.
- وكذلك الخمار (غطاء الشعر) كان سائدا قبل الاسلام لكن الله سبحانه لم يلغه مثل بعض ما كان سائدا وتم إلغاؤه بل أقره ونظمه بما يضمن له أن يكون أكثر سترا وذلك بلفه علي الصدر. حتي النساء عندما نزلت الآيات كن يقطعن من ثيابهن ويضعن علي رؤسهن.. فأي غموض في هذا الكلام المبين..!!
***
- أما القول بأن القدامي فهموا أيات القرآن الكريم وفق مفاهيم عصرهم فهذا هو الفهم الأصح الذي نأخذ به حيث كان القرآن ينزل ويفسر في حينه، ويعمل به في التو..
- قال (صلي الله عليه وسلم): " خير القرون قرني هذا ثم الذي يليه ثم الذي يليه"
- فقد كان القرآن ينزل والنبي فيهم، ونحن إذا حزبنا أمر آتينا بأمهات الكتب لنعرف ما هو حكم الدين من خلال ما قاله المفسرون الأوائل، فما بالنا بآية نزلت بصيغة الأمر "قل" ولمن؟ للنبى (صلى الله عليه وسلم)
وكون الخمار مختص بالحرائر دون الإماء وقولهم:
وكان عمر رضي الله عنه إذا رأي أمة تختمر ضربها"
فنقول هذا لأن ظروف المجتمع كان بها إماء وحرائر، وسبب هذا التفسير لأن التطور الطبيعي والتحضر الطبيعي الذي ينشده الله ورسوله هو أن تتحرر الإماء وإذا صارت الأمة حرة تحجبت.. لماذا..؟
***
لأنها لم تعد سلعة حيث إنها وهي أمة كانت تخدم أسيادها وترفه عنهم، وترقص في المحافل، وتباع في الأسواق، وجسدها  سلعتها، وكل هذا يستدعي العري حتي يجد الشاري ما يشجعه علي دفع الثمن.
وإذا لم نجد اللآن إماء وحرائر فهل تخيرتم لنا زي الإماء..؟! وإذا لم يعد هناك إماء وحرائر فهناك مسلمة وغير مسلمة ولكل منهما زي يميزها، وهذا هو زي المسلمة، فكوني متميزة أيتها المسلمة، فالذي اختار لك زيك هو رب العزة مالك يوم الدين، وليس ملوك الموضة، وبيوت الأزياء اليهودية.
بالمناسبة في حوار مع وزير الثقافة في مجلة المصور بخصوص الرأي الذي أعلنه عن الحجاب قال بالنص:
(لا أحب أن أري الغزو الثقافي من دول أخري تغزونا وتخترقنا كما يحدث حاليا، وأعتقد أن الحجاب ظهر وانتشر بعد حرب أكتوبر 1973م وهجرة آلاف المصريين إلي دول الخليج وعودتهم إلي مصر بالثقافة الكاملة لهذه الدول)
- الوزير الفنان يرفض زيا يأتينا من دول الخليج ويقبل زيا يأتينا من أوروبا وإسرائيل..!
***
- أما القول: هل تستطيع قطعة نسيج أن تحمي شرف المرأة وتجبرها علي العفة..؟!
- فنعم.. فقطع النسيج هى ما نلبس فنحن نستر أجسادنا بقطع النسيج، فنجعله كثيفا في الشتاء خفيفا في الصيف، مناسبا في الربيع، فقط وضعه علي الرأس هو الذي يؤذينا ويفعل الأفاعيل، وأؤكد لكم أن قطعة نسيج علي الرأس تجبر المرأة فعلا علي التزام الوقار والحذر، وتجعل الذي في قلبه مرض يتردد ألف مرة ولا يجتريء، فإن أخطأت كانت سريعة التوبة من أجل تلك القطعة، وإن أخطأت ردها الأخرون: كيف تفعلين ذلك وأنت محجبة.
***
والتي تسأل عن عقاب شرعي صريح لمن تظهر شعرها نقول لها:
- كلمة خمرهن في اللغة العربية تعني غطاء الرأس.. !!
وما دام توجد أية تأمر بضرب الخمار علي الصدر فالتي لم تلتزم بتغطية رأسها وجيبها تعصي الله ورسوله.
"ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا" (الجن:23)
- وهذا هو عقاب التي لا تغطي شعرها.
- أما الذين يقضون أعمارهم ولا عمل لهم إلا كشف ستر الأخرين فهؤلاء هم الأخسرين أعمالا وقد ضاع عمرهم سدي.
- قال تعالي:
" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، أؤلئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا، ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا"  (الكهف:103-106)
يظل الانسان يسعي في هذه الدنيا ويكافح ويتعب، وينادي بمباديء خاطئة، وهو يظن أنه يحسن صنعا ثم يفاجأ والعياذ بالله بأنه من الأخسرين أعمالا.
***
وهل هناك خسارة أكثر من تضييع الوقت في اقناع المحتشمة بالتبرج، وها هو الرجل يلبس فوق رأسه العمامة، والطاقية والبرنيطة، أما الرجل السعودي والخليجي وحتي الآن يغطي رأسه بالغترة والعقال، ولم نجد الاعتراضات التي نجدها علي إيشارب تضعه المرأة علي رأسها، ولم تهب الدعوات تنادي الرجل العربي بخلع غطاء رأسه ..
لماذا..؟!
المرأة هي المقصودة بالتخريب لكي تنهار الأسرة المسلمة، ويتفكك المجتمع..لماذا..؟
لأن غترة الرجل من العرف والعادات يلبسها بمزاجه وليس بأمر ديني، أما خمار المرأة فمن العبادات والطاعات، فيصنع الغرب للرجل غطاء رأسه بنفسه ويبيعه له، ويرفع عن المرأة غطاء رأسها.
وإذا كان الحجاب من المتشابهات – وهذا غير صحيح- فالقاعدة الفقهية تقول :
دع ما يريبك لما لا يريبك، فما بالنا إذا جاء بنص واضح وصريح بصيغة الأمر..!!
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لمرضاته، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وقبل أن ننسي فالذي تحاربونه هو رب العالمين، والاثم ما حاك في الصدر..!!
يا ليتنا إذا متنا تركنا
لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا
ونسأل بعده عن كل شيء