حرية فكر نعم.. حرية اسلوب لا
هل سيقوم الاتحاد بدوره.. هل سيصدر تعديلاته ويهيمن على تنفيذها.. ها هو أول
مؤتمراته والذي يتناول قضية شائكة من قضايانا المهمة، والمؤتمر يدعو إلى حرية الفكر
وحرية التعبير.. وأتحفظ على حرية التعبير أو قل حرية الاسلوب الذي يعبر به الكاتب عما
دار في رأسه.. وخوفي من أن يقودنا هذا المنطق إلى الخروج عن الواجب.. وأقول:
حرية فكر نعم، وهي حرية مكفولة بالفعل
لكل انسان بقدرة ربانية.. وهي نعمة أودعها الله سبحانه وتعالى فينا ضمن نعمه الكثيرة
علينا.. فأنت من خلال أفكارك يمكنك أن تتخيل أي شيء دون حدود في المسافات ولا قيود
أخلاقية، ومن حق أي انسان أن يحول تفكيره إلى فعل، ويكون ذلك على مستواه الفردي ويكون
بالتالي متحملا للعقاب.
ولكن ليس من حقه أن يعبر عن ذلك كتابة.. وأن يقرأ أفكاره "بعبلها"
كل الناس بكل المستويات، وأن يدعو لها على أنها عادي وضروري وحرية تعبير.. أرى في الساحة
الأدبية العجب.. أرى الشاب المبتديء أول ما تقوى أصابعه على الإمساك بالقلم ويخط أولى
كلماته فإذا به يصف لنا العلاقة الخاصة بين الرجل وزوجه باسلوب فاضح وتناول فج.. ونجد
للأسف من يدافع عنه ويقول حرية تعبير، ونجد الاستاذ يستند على تاريخه العلمي وتذهب
به الجرأة على أن يقترح تعديلا وتبديلا في النص القرآني تحت زعم الاجتهاد وأرى من يطالب
بالغاء بدور الرقابة,
أتصور أن تكون هناك حدود للحرية، وأن تتم في اطار اللائق والواجب، وأن يفهم
الكاتب أمانة الكلمة وأن عليه عبء التهذيب والتوجيه إلى جانب الامتاع، وأن يتبنى الكاتب
الكبير الأديب الشاب يعلمه أولا مسئولية الكتابة وقيمة الكلمة، وكيف تدقق ألف مرة قبل
أن ينشر ما يكتبه على الملأ، ويجب أن يمتثل الصغير لتوجيهات من هم أكثر منه خبرة، والتزاما،
فليس كل صغير عبقريا يأتي لنا بطفرة مبتكرة – فهذه الطفرات تعبر عن نفسها ويلتقطها
أيضا الأكثر خبرة ويقلد عليها- ولكن كل صغير ومبتديء هو في حاجة إلى توجيه وإلى وقت
لكي يحسن اسلوبه وفكره أيضا.
الأولى حينما نتصدى للدفاع عمن صودرت أعمالهم أو تحولوا إلى التحقيق بتهم
التعدي على الأديان أو مخالفة الآداب العامة أو السب الموجه لعامة المسلمين مثلا أن
نثبت براءتهم من هذه التهم بالدليل على عدم وجودها لا أن نؤكد عليها بمقولة حرية تعبير.
حرية تعبير نعم فالحرية لا غنى عنها.. ولكن مع ضوابط مقننه تجعل منها حرية
لا اعتداء.
جريدة الراية: عمود من الوجدان/ العدد السابع 15 مايو 1997